Créer un site internet

الإيمان حسن المعاملة

قال تعالى: ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون و ستردون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )سورة التوبة .جوهر الإيمان في الإسلام حسن المعاملة ، حسن تعامل الإنسان مع ربه، و مع نفسه، و مع المجتمع الإنساني ، و مع الكون .فحسن المعاملة هي مظهر من مظاهر الإيمان الصادق ، وهي مظهر من مظاهر صفاء النفس، و رقي الفكر ، و المتتبع لآيات القرآن الكريم سيحصي  145 موضعا ذكرت فيه لفظة حسن و مشتقاتها و هذا دليل على أن المعاملة الحسنة مقصد من مقاصد الإسلام  التي على المؤمن تجسيدها في حياته الفردية و الجماعية و في تعامله مع الكون بكل ما فيه .تعكس أخلاق المسلم و معاملاته و سلوكياته و حسن تعامله مع كل ما حوله مستوى إيمانه فسوء الخلق علامة و دليل على ضعف الإيمان لذلك لما قالت الأعراب للرسول آمنا أجابهم القرآن أنهم أسلموا و لمن يتخلقوا بعد بآداب الإسلام و سلوكياته و لم يلتزموا أحكامه حتى يطلق عليهم  مؤمنون قال تعالى (  قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم  ) الآية 14 من سورة الحجرات، قال صلى الله عليه و سلم : ( و الله لا يؤمن و الله لا يؤمن و الله لا يؤمن. قيل من يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه ) . فالعبادة في مفهومها الشامل في الإسلام هي العمل الصالح الذي يعني البناء و التعمير الحضاري المرتكز على المبادئ و القيم الذي تتمظهر في حسن المعاملة التي أساسها التحلي بمبادئ الأخلاق فقد مدح القرآن الكريم محمد خاتم الأنبياء و المرسلين بقوله ( و إنّك لعلى خلق عظيم ) و المؤمن مطالب باتبع الرسول في أخلاقه و حسن تعامله مع ما حوله قال تعالى : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )  قال أبو العتاهية:  ليس دنيا بغير دين و ليس    الدين إلا مكارم الأخلاق ....المؤمن يعامل الناس بمودة و لين و لا يعتدي على حقوقهم و ممتلكاتهم و لا يسخر منهم و لا يؤذيهم بلسانه قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ةو لا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهنّ  و لا تلمزوا أنفسكم و لا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان و من لم يتب فأولائك هم الظالمون ) ، بالكلمة الطيبة و القول الحسن و بحسن الاصغاء واحترام الرأي المخالف  و الإقرار بحرية المعتقد و أداء الشعائر الدينية قال تعالى : ( و لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم و قولوا آمنا بالذي أنزل إلينا و أنزل إليكم و إلهنا و إلهكم واحد و نحن له مسلمون ) حتى في صورة بقاء الوالدين على الشرك فالقرآن الكريم يأملر المؤمن بحسن معاملة والديه قال تعالى: ( و إن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما و صاحبهما في الدنيا معروفا ) كما  يتعامل المؤمن مع أخيه الإنسان استجابة لقوله تعالى : ( ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها و يضرب الله الأمثال للناس لعلّهم يتذكرون ) و المؤمن يعي جيّدا قول الشاعر : (جراحات السنان لها التئام و لا يلتئم ما جرح اللّسان ) ،  و المؤمن  يحب لأخيه المؤمن و للإنسانية جمعاء ما يحب لنفسه قال صلى الله عليه و سلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) رواه البخاري و عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : فمن أحب أن يزحزح عن النار و يُدخل الجنة فلتأته منيتُه و هو يؤمن بالله و اليوم الآخر و ليأت إلى الناس الذي يُحب أن يؤتى إليه ) رواه مسلم ، بحسن المعاملة يكسب المؤمن ثقة الآخرين و محبتهم و تقديرهم كاكتسابه تقدير نفسه .المؤمن على يقين أن من يسيء معاملة الناس و يؤذيهم بأي نوع من أنواع الأذى  فإن الله سيغضب عليه و يكون مآله النار حتى وإن صلى و حج و صام يروى عن الصحابي الجليل أبا هريرة أنه قال: ( قال رجل يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها و صيامها و صدقتها ،غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال صلى الله عليه و سلم: هي في النار قال – الرجل- يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلّة صيامها و صدقتها و صلاتها و إنّها تصدّق بالأثوار من الأقط – أي القطع من الجبن – و لا تؤذي جيرانها بلسانها قال صلى الله عليه و سلم : (هي في الجنة ) رواه أحمد . العبادات و المعاملات  في الإسلام صنوان فهما لا ينفصلان إذ العبادة في معناها الشامل في الإسلام تشمل العبادات الشعائرها إلى جانب المعاملات حتى أن الفقة و التشريع الإسلامي يقسم إلى قسمين رئيسيين و هما باب العبادات و باب المعاملات ، فمن ساعد مريضا ،و من بنى سدا ،و من أحيا أرضا و زرعها، و من بني مدرسة و نشر علما فكل هؤلاء يدخلون في عموم قوله سبحانه و تعالى ( و من أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا ) و في المقابل فإن محتكر الغذاء أو الدواء أو الأدوات المدرسية فهو مخطئ و عمله يتعارض مع الإيمان الداعي إلى حسن المعاملة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( لا يحتكر إلا خاطئ) و في حديث آخر ( المحتكر ملعون )  ، إن العبادات الشعائرية شرعها الله ليكون لها أثر في طريقة تفكير المؤمن و سلوكه و تعامله مع بني جنسه و الكون و إلا كان مفلسا حسب ما ورد في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم حين قال لأصحابه : ( من المفلس ؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له و لا متاع فقال صلى الله عليه و سلم : إن المفلس من أمتى من يأتي يوم القيامة بصلاة و صيام و زكاة و ياتى قد شتم هذا و قذف هذا و أكل مال هذا و سفكدم هذا و ضرب هذا فيعطي هذا من حسناته و هذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل ايُقضى ما عليهه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم يطرح في النار) رواه مسلم .  الإيمان في الإسلام حسن المعاملة حتى في طريقة التعامل مع الحيوانات فعن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة و السلام قال : ( إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله غنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ، و جعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم) رواه أبو داوود . هذه مقاصد العبادة حسب ما ورد في النص القرآني : فالصلاة تمنع صاحبها من الوقوع في المعاصي قال تعالى في سورة العنكبوت الآية 45 ( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء و المنكر)أما الزكاة فقد شرعت إلى جانب التكافل الاجتماعي لتطهير النفس من الأنانية و عبادة المال قال تعالى ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها ) الآية 103 من سورة التوبة أما أثر الحج على سلوك المؤمن حسب الآية 197 من سورة البقرة : ( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج ) و ما يقال في الحج يصدق على الصوم حيث قال صلى الله عليه و سلم: ( من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه) رواه البخاري و جاء في حديث آخر: ( الصيام جُنّة فإذا كان أحدكم صائما فلا  يرفث و لا يجهل فإن امرؤ قاتله فليقل : إني صائم) رواه البخاري و مسلم .لا تعنى سماحة المسلم و تسامحه سلبه الحق في الدفاع عن نفسه و الحصول على حقوقه بالقانون العادل و لكن الإسلام حث المؤمن إلى الانتقال من مرتبة طلب العدل الذي هو حق للجميع إلى مرتبة   أعلى و هي مرتبة الإحسان و هذه المرتبة  هي المشار إليها في الآية 34 من سورة فصلت يقول تعالى: ( و لا تستوى الحسنة و لا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك و بينه عداوة كأنّه ولي حميم )