من دلائل وجود الله
من دلائل وجود الله
ففي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد
تنوعت دلائل وجود الله سبحانه ابتداء من ضمير الإنسان وفطرته ، إلى كل ذرة من ذرات الكون
دليل الفطرة
فقال : تعالى فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون }( الروم: 30 ) قول تعالى : { وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا } (الاسراء:67)
دليل الحدوث
مفاد هذا الدليل أنه لابد لكل مخلوق من خالق ، وهذه حقيقة يسلم بها كل ذي عقل سليم ، فهذا الأعرابي عندما سئل عن وجود الله قال بفطرته السليمة : البعرة تدل على البعير ، والأثر يدل على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، ألا تدل على العزيز الخبير
إثبات وجود الله سبحانه وتعالى برهان الوجوب والإمكان
هذا البرهان في إثبات وجود الله سبحانه وتعالى ينسب للفيلسوف المسلم المعروف (ابن سينا) و له شواهد في القرآن الكريم سنذكرها لاحقاً. و يعتمد هذا البرهان على تقسيم الأشياء الموجودة في الكون أو التي يمكن للعقل أن يتصورها و يتعقلها إلى ثلاثة أقسام. 1- واجب الوجود 2- ممكن الوجود 3- ممتنع الوجود
1-واجب الوجود: و تعني ذلك الموجود الذي يكون وجوده ضرورياً دائماً و أبداً ، فلا يخلو من وجوده زمان أو مكان، و لأنّ وجوده واجباً فهو موجود باستمرار، ولا يمكن تصوّر عدمه ، لأنّ الوجود نابع من ذاته ، وهو من صفاته الذاتية . ولأنّ العدم صفة عرضيه، والصفات العرضية لا يمكنها أن تلغي الذات ، لذلك لا يمكن للعدم أن يلغى وجوده سبحانه وتعالى ، لأننا فرضنا أنّ وجوده جلّ وعلا واجباً حسب التعريف . و لا يوجد شيئ في الكون (واجب الوجود) سوى الله سبحانه و تعالى ، لأنّه موجود منذ الأزل ، و لم يسبق وجوده العدم فيقال ما العلة في وجوده ، و لم يخل منه زمان فيقال متى وجد . وقد كان ولا يزال موجوداً قبل خلق الزمان و المكان . وهو الذي خلق الزمان و المكان فلا بدّ أن يكون موجوداً قبلهما .
ولما كانت الموجودات الأخرى بحاجة إلى خالق وموجد ، فلا بد أن يكون هذا الخالق موجوداً قبل كلّ موجود، ووجوده من ذاته لا من موجد آخر. فإنّ الوجود للموجودات صفة عرضية ، والصفات العرضية لا بدّ أن ترجع إلى من يتصف بها بالذات . فيكون وجوده سبحانه وتعالى ذاتيا.
2-ممكن الوجود:
و يشمل هذا كلّ الموجودات في الكون من سماء و أرض و بحار و أشجار وملائكة و جنّ و أنس و حيوانات و غيرها . و تسمى ( ممكنة الوجود) لأنّ وجودها ممكن بمعنى أنّه ليس مستحيلاً . كما أنّ عدمها ممكن ، لأنّ وجودها ليس واجباً . فهي في حالة وسط بين الوجود و العدم . فإن وجد سبب لخلقها و ايجادها وجدت. و إن لم يوجد سبب لخلقها أو بقائها ظلت في العدم .
و الدليل على أنّ الموجودات (سوى الله سبحانه و تعالى) كلها (ممكنة الوجود) لأنّّّها لم تكن موجودة في يوم من الأيام ثُمّ وجدت بعد أن خلقها الله سبحانه و تعالى و أفاض عليها نعمة الوجود. فلو كانت واجبة الوجود لكانت أزلية سرمدية ، و نعلم بالبداهة أنّها ليست كذلك . فالإنسان و الحيوان و النبات لهم عمر محدود . و للمجموعة الشمسية عمر معين . و لخلق الكون زمن معين يقدره العلماء بحوالي 14 مليار سنة . إذن قبل ذلك لم يكن الكون موجوداً . و هذا يعني أنّ وجوده ليس واجباً ، بل ممكناً ، و لذلك أمكن إيجاده وإخراجه من حالة العدم إلى حالة الوجود.
3- ممتنع الوجود:
و هي الأمور التي يمكن أن يتعقلها العقل و لكن يستحيل وجودها في الخارج مثل جمع النقيضين أو اجتماع المثلين في زمان و مكان واحد و بالشروط الأخرى لذلك. و هذه الأمور لا يمكنها أن تنعم بنعمة الوجود ، لأنّ وجودها ممتنع أي مستحيل و غير ممكن .
و من هنا يتبين أنّ الموجودات في الواقع هي على قسمين أمّا واجبة الوجود أو ممكنة الوجود ، و القسم الثالث ليس من أقسام الوجود، بل من الأمور التي يتعقلها العقل، ولكن يستحيل وجودها في الخارج .
الممكنات بحاجة إلى علة لوجودها:
عرفنا أنّ الكون بكلّ ما فيه من موجودات هو من نوع ( ممكن الوجود) و يحتاج إلى علة و سبب يفيض عليه الوجود لكي يوجد . و السؤال هنا هل أنّ العلة لوجود الكون هي (ممكنة الوجود) أيضاً ؟ فان كانت كذلك فإنّها ستحتاج بدورها إلى علة أخرى تخرجها من العدم إلى الوجود .
ونتسلسل هكذا إلى أن نصل إلى (العلة الأولى) لكلّ المخلوقات و التي يجب أن تكون (واجبة الوجود) و لا تحتاج في وجودها إلى علة ، لأنّ علة وجودها نفسها حسب التعريف السابق .
و لو تسلسلت العلل و المعلولات الممكنة الوجود إلى ما لا نهاية فسوف يؤدي ذلك إلى (التسلسل) الباطل فلسفياً ، و هو ما لا يمكن . أو يؤدي إلى (الدور) و هو باطل أيضاً.
فلا خيار لنا في هذه الحالة سوى الإقرار بأنّ المخلوقات (الممكنة ) لها علل مختلفة تؤدّي بالنهاية إلى (علة واجبة).
و لكي تتوضح الفكرة لنفكر في وجودنا نحن ، فإنّا من نوع ( ممكن الوجود) و لذلك وجدنا قبل خمسين سنة مثلاً . و السبب في وجودنا هو آباءنا . و لما كان آباءنا أيضا من نوع (ممكن الوجود) فإنّ وجودهم كان بسبب آباءهم و هكذا نستمر في سلسلة العلل و المعلولات حتى نصل إلى آدم (عليه السلام) و الذي خلقه الله سبحانه و تعالى من التراب ، و التراب كان من الأرض ، و الأرض انفصلت من الشمس،و الشمس تكونت من الانفجار العظيم (حسب النظرية العلمية المعروفة). فإذن كلّ مخلوق له سبب و علة لوجوده لأنّه ( ممكن الوجود) و لكن بالتالي سنصل إلى الموجود الذي خلق المادة الأولى التي هي سببت الانفجار العظيم ومنه خلقت السماوات و الأرض ، و من ثُمّ الكائنات الحية . و هذا الموجود الأول هو (علة العلل) و (العلة الأولى) و(واجب الوجود) الذي لا يحتاج لوجوده إلى علة خارجة عن ذاته ، وهو الله سبحانه و تعالى.